استعراض عسكري ضخم للجيش الجزائري عرض فيه آخر الأسـلحة المتطورة بمناسبة ستينية استقلال الجزائر
احتفالات كبرى في الذكرى 60 لاستقلال الجزائر
تدشّن الجزائر الثلاثاء احتفالات عيد الاستقلال باستعراض عسكري غير مسبوق في العاصمة يخلّد الذكرى الستين لنهاية الاستعمار بعد 132 سنة من الوجود الفرنسي، بحضور قادة عرب.
واختار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نظيره التونسي لمرافقته لتدشين النصب التذكاري "معلم الحرية" المخلد لرفع العلم الوطني في سماء الجزائر المستقلة.
فيما تأتي زيارة المقداد إلى الجزائر بعدما كشف وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الجزائر رمطان لعمامرة عن مشاورات مع الأطراف العربية بشأن مشاركة سوريا في القمة العربية المقبلة التي تستضيفها بلاده في تشرين الثاني /نوفمبر المقبل.
العرض الأول منذ 33 عاماً
وتشهد احتفاليات هذا العام، عرضا عسكريا غير مسبوق، استدعى إغلاق المدخل الرئيسي لشرق العاصمة على طول 16 كلم منذ يوم الجمعة، حتى يتسنى للجيش إجراء التدريبات على هذا الاستعراض الذي هو الأول من نوعه منذ 33 عاماً.
وتمّ تحويل المرور إلى طرق أخرى حتى الأربعاء، بحسب ما أعلنت سلطات ولاية العاصمة، ما تسبّب في اختناقات مرورية كبيرة.
وفي دلالة على أهمية المناسبة، تمّ تصميم شعار خاص يظهر منذ أسابيع على جميع القنوات التلفزيونية، وهو عبارة عن دائرة مزيّنة بستين نجمة وفي وسطها عبارة "تاريخ مجيد وعهد جديد".
الجزائر وفرنسا
من جهته بعث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برسالة إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون هنّأه فيها بمرور 60 عاماً على استقلال الجزائر عن فرنسا، معرباً عن أمله "بتعزيز العلاقات القوية أساساً" بين البلدين، بحسب ما أعلن قصر الإليزيه مساء الإثنين.
قالت الرئاسة الفرنسية في بيان إنّ إكليلاً من الزهر سيوضع أيضاً الثلاثاء باسم ماكرون على "النُصب التذكاري الوطني لحرب الجزائر والمعارك في المغرب وتونس" في رصيف برانلي في باريس إحياءً لذكرى الأوروبيين ضحايا مجزرة وهران التي وقعت في نفس يوم الاستقلال في 5 تموز/يوليو 1962. وجدد ماكرون "ًالتزامه مواصلة عملية الاعتراف بالحقيقة والمصالحة لذاكرتي الشعبين الجزائري والفرنسي".
جراح لم تندمل
لكن وبعد 60 عامًا من نهاية الاستعمار، لم تندمل جراح الجزائريين بعد، رغم سعي ماكرون منذ انتخابه أول مرة الى تهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية التي لم تصل إلى حدّ تقديم "الاعتذار".
وبدا أنّ العلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى لها في تشرين الأول/أكتوبر عندما صرّح الرئيس الفرنسي بأنّ الجزائر تأسّست بعد استقلالها على "ريع ذاكرة" يقف خلفه "النظام السياسي العسكري"، ما أثار غضب الجزائر.
فيما شدد تبون في آذار/مارس أن "جرائم الاستعمار" الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم، داعيا إلى "معالجة منصفة ونزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أَجواء المصارحة والثقة".
وما فتأت أن تحسنت العلاقات تدريجيًا في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفية في 18حزيران/يونيو عن رغبتهما في "تعميقها". وفي نهاية نيسان/أبريل، هنّأ تبون ماكرون على إعادة انتخابه "الباهر" ودعاه لزيارة الجزائر.
وهناك من المراقبين من يرى أنالتوتربين الجزائر وفرنسا هو الأصل، و"تطبيع" العلاقات هو الاستثناء منذ خروج القوة الاستعمارية من بلد ينعي مليون ونصف شهيد. وفي هذا الإطار اعتبر رئيس حزب التجمّع من أجل الثقافة والديموقراطية المعارض عثمان معزوز الى أن "العلاقات بين نظام السلطة في الجزائر وفرنسا الرسمية تخلّلتها أزمات وهدوء زائف منذ استقلال البلاد". وقال "في المرحلة الحالية، لا يمكن لأحد أن يراهن درهماً واحداً على الحديث عن إعادة بناء (هذه العلاقات). لأن استغلال العلاقة من هذا الجانب أو ذاك لا يخفى على أحد".
إعادة صياغة الذاكرة؟
في المقابل، تشود الخشية من أن الصعود المذهل للتجمّع الوطني في الانتخابات التشريعية الأخيرة من شأنه أن يجبر ماكرون على التراجع عن سياسة المصالحة مع الجزائر.
وسبق أن شددت زعيمة الحزب مارين لوبن في آذار/مارس على أنّ "الاستعمار ساهم فعلاً في تنمية الجزائر"، منتقدة ماكرون الذي "يمضي حياته في الاعتذار دون طلب أي شيء مقابل ذلك من حكومة جزائرية لا تتوقف عن شتم فرنسا"، على حدّ قولها.
في هذا السياق، يحذر المؤرخ محند عمر من أنّ "اليمين المتطرّف الفرنسي سيجعل من هذه الولاية الانتخابية ساحة معركة كبيرة موضوعها الذاكرة وسيكون فيها التحريف وتزييف التاريخ حاضرين بقوة".
أما على صعيد الداخل الجزائري، فإن السلطات تسعى للإفادة من الذكرى التاريخية لتخفيف التوترات الداخلية بعد ثلاث سنوات من انطلاق تظاهرات الحراك المؤيد للديموقراطية الذي أسقط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من دون أن ينجح في إزاحة النظام.
وأطلق تبون في أيار/مايو مبادرة لكسر الجمود السياسي من خلال استقبال عدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم من المعارضة، ومسؤولين في النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل.
و.ب/ح.ز (د ب أ، أ ف ب، رويترز)