الحماية الدولية لحقوق الانسان :
ان الممارسة السلمية لحقوق الانسان لاتحتاج الى اعلان عنها فقط , بل تحتاج كذلك الى اليات حماية سياسية وتشريعية وقضائية ذات ابعاد وطنية واقليمية ودولية عبر دساتير واتفاقيات واعلانات ومواثيق , وكذلك عبر اجهزة ومؤسسات ولجان اشراف ومراقبة تخص كل مايتصل بمدى التزامات الدول باحترام حقوق الانسان وضمان التمتع بها،ان وجود اليات دولية سواء عالمية واقليمية ، ووطنية فعالة ، وانما هو مسألة ضرورية للغاية في سبيل تعزيز حقوق الانسان وكفالة التمتع بها لان حقوق بغير اليات تحميها هي والعدم سواء .لذا وجب على المهتمين بحقوق الانسان عموما (افراد ومؤسسات) بذل كل جهد من اجل حمل الحكومات على القبول بالاليات المتاحة في هذا المجال , مع العمل , في الوقت ذاته , من اجل استحداث اليات جديدة وبرامج وانشطة متجددة تسد النقص الموجود في هذا المضمار (18).
ان على المجتمع الدولي ان يحافظ على سيادة الدول باعتبارها الخاصية الاساسية للدولة والتي يقوم عليها النظام الدولي المعاصر ،كما يجب على المجتمع الدولي ان يبقى حريصاً على التزام مجلس الامن بالمعيار الاساسي الذي حدده الميثاق لتدخله بقوة ،وان يقرر مجلس الامن ما اذا كان قد وقع تهديد للسلم والامن الدوليين او اخلال بهما (19).
وهنا اذا كانت الحماية الناجعة لحقوق الانسان تبدأ وتنتهي وطنيا داخل كل دولة ضمن اليات سياسية تتصل بطبيعة النظام السياسي الديمقراطي , وتشريعية تتصل بالدستور والقوانين الوضعية , وقضائية تتصل بالمحاكم ومؤسسات القضاء الاخرى , ومجتمعية تتصل بروابط ولجان المجتمع الاهلي , اذا كانت اهمية الحمايةى تبدأ وتنتهي وطنيا , فان هذا البعد الوطني للحماية لايستغني عن الابعاد الدولية لها ،وعليه فان اهم نماذج الحماية الدولية العالمية والاقليمية لحقوق الانسان هي :
-الحماية الدولية العالمية لحقوق الانسان ،نموذج الحماية ضمن اطار منظمة الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة .
-الحماية الدولية الاقليمية لحقوق الانسان مثل نموذج الحماية الاقليمية الاوربية لحقوق الانسان ونموذج الحماية الاقليمية الامريكية لحقوق الانسان والحماية الدولية الاقليمية الافريقية لحقوق الانسان .
ان التطورات الدولية في عقد الستينيات من تصفية الاستعمار , وظهور الدول الصغيرة او المتوسطة وتجمعها في حركة عدم الانحياز , وسعيها لمقاومة آثار الحرب الباردة ، واتجاهها او كفاحها لاقامة اسس عادلة للتعاون الاقتصادي مع الدول المتقدمة , استدعت كلها , اعادة النظر في الترتيبات الدولية لحماية حرية الاعلام على النطاق الدولي ،مراعاة العلاقة الوثيقة بين الجوانب العامة لحقوق الانسان وبين التشريعات الوطنية الخاصة بحرية الاعلام , على نحو يراعي اهتمامات الفرد ومصالحه . ويرى البعض ان العالم يشهد " انفجارات في الحقوق الفردية " بعد اقرار الحقوق المختلفة ، وان تجاهلها يمكن ان يؤدي الى صراع عنيف على المستويات الوطنية (20).
واكد البعض حق الانسان في ان يعرف الحقيقة كل الحقيقة , واذا كانت الديمقراطية حقا , فان معرفة الحقائق حق اخر(21) ،الا ان الاصوات التي ارتفعت آنذاك بان الاعلان العالمي لحقوق الانسان , وغيرها من القواعد والمواثيق والقرارات الدولية غير كافية لضمان حقوق الانسان وتطبيقاتها في مجالات الاعلام ," اذ ستظل حروفا ميتة في ظل التفاوت الاجتماعي والاقتصادي والثقافي على المستويين الدولي والوطني، وانه يتعين توفير الظروف الضرورية لممارسة هذه الحقوق (22) ، أي توفير اسس العدالة والمساواة على المستويات الوطنية , واعادة بناء النظام الدولي في جوانبه الاقتصادية و الاتصالية (23).
وتعاني الحريات لاسيما حرية الرأي والتعبير والابداع وجوهاً من الكبت والقمع في البلدان العربية باستثناء اختراقات محدودة في بعض البلدان او بعض النواحي، فالصحفيون على مدى ثلاث سنوات 2001-2003 كانوا هدفاً لملاحقات قضائية متعددة حول قضايا الرأي ،وصدرت في حق بعضهم احكام قضائية قاسية وتعرض بعضهم للاعتداءات او للاحتجاز (24)، وادى اتفاق وزراء الداخلية العرب على استراتيجية لمكافحة الارهاب في مستهل عام 2003 الى مزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير (25).
اما تقرير اللجنة العربية لدراسة مشكلات الاعلام , فقد نظر الى العلاقة من منظور معاكس , اذ راى ان الاخذ بمبدأ حق الاتصال والاعلام يؤدي في التطبيق العملي الى نتائج عدة تؤدي بطبيعتها الى زيادة فعالية الاتصال , وعلى راس هذه النتائج(26) " الحد من السيطرة المبالغ فيها والتي تمارسها الحكومات على وسائل الاتصال المختلفة , او على صياغة الرسائل الاعلامية ، بما يتيح مزيدا من التعبير عن الراي , والراي الاخر, ويطلق ملكات الابداع الفني والفكري ـ وبالتالي ضبط الرقابة وسلطة المنع والمنح , والاعتماد على احساس الافراد والهيئات القائمة بالاتصال بمسؤلياتها الاجتماعية في اطار القوانين والمواثيق المهنية "(27) .