مخاطر الاختراق المعلوماتي السياسي والتجسس:
ان الامر الذي اثار استغراب جميع المراقبين هو ان عمليات التجسس، التي تم اكتشافها كشفت النقاب عن وجود شركات متخصصة في هذا المجال ، تركز نشاطها في تقديم هذه الخدمة الى الشركات الصناعية والخدمية والحكومية مقابل أجر ، وان هذه الشركات لديها العديد من العملاء الذين يطلبون هذه الخدمة،كما انها توظف لديها العديد من الكوادر المدربة من المحاسبين والمراجعين والمحللين الاقتصاديين.
الغريب في الامر ان هذه الشركات والعاملين بها لايعتبرون نشاطهم نشاطآ غير مشروع او يدعو الى الخجل ، ولكنهم يرون ان قيامهم بهذا العمل هو واجب وطني وخدمة عامة بحجة الدفاع عن المصالح القومية الاقتصادية في حالة التجسس على دولة اخرى او في حالة التجسس على احدى الشركات التي تنتمي الى دول اخرى، وكذلك بحجة تقديم البيانات والمعلومات الى العدالة في حالة التجسس على شركة وطنية لصالح شركة اخرى وطنية بينهما قضايا تتعلق بالمنافسة او الاحتكار في السوق المحلية ، وهذا تماما ماعبر عنه احد الذين قاموا بالتجسس على شركة "مايكرو سوفت" لصالح "اوراكل" المتنافستين في مجال البرمجيات في السوق الامريكية في اثناء نظر قضية الاحتكار ضد الشركة الاولى، حيث قال كل ما فعلناه كان محاولة للحصول على معلومات سرية وتسليط الاضواء عليها لخدمة العدالة واعتقد ان ذلك خدمة عامة.
لقد حصلت خبيرة الامن الالكتروني بارامكو السعودية منال مسعود الشريف مؤخرا على شهادة الاختراق الالكتروني الاخلاقي التي يمنحها المجلس العالمي لمستشاري التجارة الالكترونية لتكون بذلك اول سعودية تحصل على هذه الشهادة العالمية المرموقة في مجال امن المعلومات الالكتروني وتمنح هذه الشهادة المرموقة لخبراء الامن الالكتروني الذين تخصصوا في مجال الاختراق الهادف لتقييم مستوى الامن المعلوماتي في الشبكات والانظمة لدى الشركات وذلك باكتشاف الثغرات عن طريق المسح الامني ورصد محاولات الاختراق ثم وضع اولويات في سد هذه الثغرات تبعا لخطورتها واقتراح الحلول الامنية لهذه المخاطر مما يمكن مسؤولي الامن الالكتروني من اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية معلومات الشركة وانظمتها وسد الثغرات واصدار الارشادات الامنية وتركيب النظم والاجهزة الخاصة بالحماية الالكترونية(9).
كمااستطاع المؤتمر الثاني لأمن المعلومات الذي عقد في دمشق 2006ً ايصال رسالة مهمة إلى القائمين على الشأن المعلوماتي في سورية مفادها ان شبكاتهم الامنية والعسكرية والمدنية والاجتماعية هشّة من منظار الامن المعلوماتي، ويمكن اختراقها بسهولة. ويؤيد هذا الاستنتاج تعرض بعض المؤسسات المهمة في الدولة للاختراقات سابقاً(10). واعترف وزير الاتصالات السوري في كلمة افتتح فيها المؤتمر بـ ان الممارسات الخاصة بحماية المعلومات لا تزال تحبو خطواتها الاولى في الدول العربية بما فيها سورية. وأشار إلى ان امن المعلومات اصبح احد الهواجس التي تؤرق مختلف الجهات وعلى الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية كافة(11).
وعلى الرغم من قلة الحوادث التي تعرضت لها المعلومات الحاسوبية في الجهات الرسمية في سورية، والتي تركز معظمها على تسرب الفيروسات وديدان الانترنت الى بعض الاجهزة الفردية ، فان ذلك لا يعود الى حسن تطبيق تقانات امان المعلومات وانما يعود إلى ضعف تشبيك نظام المعلومات بعضها ببعض ما يحول فيزيائياً دون الوصول إلى تلك المعلومات من خلال الشبكات . كما ان الوزارة تسعى الى وضع القواعد الواجب تطبيقها واحترامها لضمان امن المعلومات وخصوصيتها على المستوى الوطني سواء بالنسبة الى المؤسسات العامة والخاصة أم الافراد(12).